جريج العابد
كان في الأمم السابقة
أولياء صالحون ، وعباد زاهدون ، وكان جريج العابد
أحد هؤلاء الصالحين الذين برَّأهم الله عز وجل ، وأظهر على أيديهم
الكرامات ، بعد أن تربص به المفسدون ، وحاولوا إيقاعه في الفاحشة ، وتشويه سمعته
بالباطل ، وقد قص علينا خبره - نبينا صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم عن أبي
هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-
قال : ( لم يتكلم
في المهد إلا ثلاثة ، عيسى
ابن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا
عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمُّه
وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان
من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي
وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت :
يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ، فأقبل
على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات ، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته
، وكانت امرأة بغي يُتَمثَّلُ بحسنها ، فقالت : إن شئتم
لأفْتِنَنَّه لكم ، قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها،
فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته ، فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها ، فحملت ، فلما ولدت
قالت : هو من جريج ، فأتوه فاستنزلوه ، وهدموا صومعته ،
وجعلوا يضربونه ، فقال : ما شأنكم ، قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك ، فقال :
أين الصبي ، فجاءوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي ، فصلى ، فلما انصرف أتى الصبي
فطَعَنَ في بطنه ، وقال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال : فلان الراعي ، قال : فأقبلوا
على جريج يقَبِّلونه
ويتمسحون به، وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ،
أعيدوها من طين كما كانت ، ففعلوا ) .